تقارير وحوارات

نادي السيارات.. ميلاد ملكي وسط أجواء سياسية استثنائية

انطلق بالتزامن مع أول انتخابات برلمانية عام 1924

https://gacmotoreg.com/models/gs4-max?autoagency

نادي السيارات.. ميلاد ملكي

 

جاء الإنشاء الرسمي لنادي السيارات عام 1924، وسط حالة من الزخم السياسي، فلاصوت يعلو فوق صوت أول انتخابات نيابية، والتي جاءت تتويجاً لكفاح الشعب المصري، فالبلاد كانت تتلهف إلى النظام الدستوري، وكل فريق من الأحزاب يبذل قصارى جهده للفوز بأكبر عدد ممكن من المقاعد في المعركة الانتخابية، والجميع يترقب دخول البلاد عصر يتولى فيه مندوبو الأمة أمر التشريع ومراقبة الحكم، ويقوم بالسلطة التنفيذية حكومة حائزة لثقة الأغلبية من رجال الأمة كما هي حائزة على ثقة الملك.

اشتعلت المعركة الانتخابية، وتطاحن المرشحون، وكانت كافة الدلائل تشير بقوة إلى تفوق مرشحي الوفد المصري، على مرشحي حزبي “الأحرار الدستوريين”، و”الوطني”، خاصةً أن رئيس الوفد كان يتمتع بثقة كبيرة من الجميع، وهو ما تحقق بالفعل وحصل “الوفد” على نحو 90% من المقاعد.

جرت الانتخابات في أجواء تاريخية بعد ثورة 1919م، عقب إصدار بريطانيا تصريح 28 فبراير الذي يعطي استقلالًا نسبيًّا لمصر، وكذلك انطلاقاً من دستور 1923، وهو أول دستور يتم تفعيله في تاريخ مصر الحديث، ونص على إقامة حياة نيابية في مصر يشارك فيها الشعب حكم البلاد من خلال مجلس نيابي يختار الشعب أعضاءه، ويقوم الحزب الذي يحظى بأغلبية الأعضاء بتشكيل الحكومة.

كان دستور 1923، خطوة مهمة للحياة الديمقراطية، غير انه شابه بعض أوجه النقد خاصةً أنه أعطى الملك الحق في حل البرلمان وإقالة الوزارة، الأمر الذي جعل الملك صاحب السلطة التنفيذية وله اليد العليا في التحكم بالسلطة التشريعية وهي البرلمان.

في حقيقة الأمر فإن نتيجة الانتخابات عبرت عن صورة حقيقية لاتجاه الرأي العام في البلاد، وقوة حزب الوفد في الشارع المصري، وهو ما تسبب في ضربة شديدة للأحزاب الأخرى المُنافسة، أعقبها سلسلة استقالات لعل أبرزها استقالة عدلي باشا، من رئاسة حزب الأحرار الدستوريين، ثم استقالة يحيي باشا إبراهيم رئيس الوزراء.

بعد الفوز الكبير للوفد، أثيرت العديد من التكهنات حول إمكانية قبول سعد زغلول، لرئاسة الحكومة من عدمه، ليحسم زعيم الأمة الأمر، ويعلن تشكيله أول وزارة شعبية في مصر، وعرض سعد باشا برنامج وزارته وكان يهدف إلى التخلص من التحفظات الأربعة في تصريح 28 فبراير التي كانت تعوق الاستقلال التام لمصر، فطرح مطالب وزارته وهي الاستقلال التام بجلاء القوات الإنجليزية عن البلاد، وقيام مصر بمسؤولياتها في حماية قناة السويس، وحرية الحكومة المصرية في وضع سياستها الخارجية، وتولي شئون الأقليات والأجانب، ولكن الحكومة البريطانية رفضت هذه المطالب ولذلك ناصبت وزارة سعد العداء.

https://audi.eberspro.com/pdf/A5.pdf

جاءت الفرصة أمام الإنجليز عندما اغتال أحد المصريين بدافع الوطنية سردار الجيش المصري في السودان سير لي ستاك وهو في القاهرة، ليوجه لورد اللنبي إنذارًا لوزارة سعد زغلول يطالب فيه أن تقدم الحكومة المصرية اعتذارًا عن هذه الجريمة وتقدم مرتكبي هذه الجريمة والمحرضين عليها للمحاكمة والعقاب وتقديم تعويض مقداره نصف مليون جنيه استرليني للحكومة البريطانية وسحب القوات المصرية من السودان وزيادة مساحة الأراضي المزروعة قطنًا في السودان.
كان الإنجليز يهدفون من هذا الإنذار إبعاد مصر عن السودان لتنفرد به بريطانيا ووضع السودان ومصر في تنافس اقتصادي حول محصول القطن وظهور إنجلترا بمظهر المدافع عن مصالح السودان إزاء مصر.

وافق سعد زغلول على النقاط الثلاثة الأولى ورفض الرابعة، فقامت القوات الإنجليزية بإجلاء وحدات الجيش المصري بالقوة من السودان، فتقدم سعد زغلول باستقالته.

بعد استقالة سعد زغلول، كلف الملك فؤاد، أحمد زيور باشا برئاسة الوزارة كما قام بحل البرلمان ولكن نواب البرلمان اجتمعوا خارجه وقرروا التمسك بسعد زغلول في رئاسة الوزراء. فقامت الحكومة البريطانية بإرسال قطع بحرية عسكرية قبالة شواطئ الإسكندرية في مظاهرة تهديدية، لذلك قرر سعد زغلول التخلي عن فكرة رئاسة الوزراء حتى لا يعرض مصر لنكبة أخرى مثل ما حدث عام 1882م.

في هذه الأثناء، ورغم سخونة هذه الأحداث وتعاقبها، أخذ الأمير جميل طوسون، على عاتقه محاولات الإنشاء الثاني لنادي السيارات، خاصةً مع تزايد أعداد السيارات في مصر، ومطالبة عشاق السيارات بإعادة إحياء النادي الذي تأسس عام 1905 وتوقف نشاطه عام 1913 بسبب الحرب العالمية الأولى.

 

خروج النادي إلى النور

تكللت محاولات الإنشاء الجديد لنادي السيارات بالنجاح، ووافق الملك فؤاد، على خروج النادي إلى النور، و منحه لقب الملكي ليصبح اسمه ” نادى السيارات الملكي المصري”، وأنشئ فى ذلك التوقيت فى 27 ابريل عام 1924 بمبناه الحالي بشارع قصر النيل، المهدى من الأميرة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل، وتولى رئاسة النادي الأمير محمد على، ولى العهد.

مع نهاية عام 1924 بحوادثه المشئومة، واستقالة الوزارة الشعبية الأولى، بدأت فترة من التدخل الأجنبي السافر من جانب القصر في شئون الحكم من خلال وزارتي أحمد زيور باشا “نوفمبر 1924- يونيو 1926″، اللتين اعتمدتا على حزب سياسي شكله القصر وهو حزب الاتحاد، الذي كان حزباً ملكياً، حيث كان وراء تأليفه حسن نشأت وكيل الديوان الملكي، لتبدأ البلاد مرحلة جديدة وسط حالة من الضبابية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى